روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | فلذات أكبادنا كالنبات ... يجود بالعناية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > فلذات أكبادنا كالنبات ... يجود بالعناية


  فلذات أكبادنا كالنبات ... يجود بالعناية
     عدد مرات المشاهدة: 2423        عدد مرات الإرسال: 0

إنّ من تأصيل الحجاب الشرعي، لدى المرأة المسلمة، تنمية هذا الشعور في أيام الطفولة: تعوّداً وتربية وأن يتدرّج مع الفتاة في تطوّر عمرها، لينمو هذا الإحساس مع نمو جسمها: تربية وتعليماً من أمها، وقدوة تتأدَّب بها، مثلما تأخذ عنها القدوة في العبادات، وفي حُسن التعامل، والإخوة المصريون، عندهم مثل هو: البنت سرّ أمّها..

.. أما عندنا فالمثل، يأتي عند حسن الإختيار للزواج، بهذه الدلالة: إذا أردت أن تضمّها فاسأل عن أمّها.

ولقد إطلعت على كتاب، أصدره المنتدى الإسلامي، وهو في أصله رسالة علمية، لنيل الماجستير من إعداد الطالبة: حنان الجهني، في كلية التربية للبنات: الأقسام الأدبية: قسم التربية وعلم النفس، وقد أهدي إلي كالكتب التي تصلني، إلا أنه لم يصلني منه إلا الجزء الثاني فقط، وقد كتبت فيما يتعلق بالحجاب الشرعي، وتأصيله لدى الفتاة في أخطر مراحل نموها ونضجها، وما يطرأ على جسمها من تغييرات، في هذه السن: سنّ المراهقة.

فالمؤلفة قد إختارت اسماً جذاباً، يلفت النظر نحو كتابها هذا، هو: الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة، في مرحلة المراهقة، وما ذلك إلا أنّ سنّ المراهقة للأولاد عموماً، كالنبات، لا يعطي الثمرة المرجوّة إلا بالرعاية، لأن هذه الفترة مرحلة تتحول فيها النفوس: للذكور والإناث من حالة إلى حالة، ويعتري الطباع والأفكار، تغيّر وفق ما يطرأ على الجسم، من تحوّلات فسيولوجية، وتأثيرات نفسية، تحتاج إلى رعاية ومراقبة، ومزج ذلك بالنصائح، وشيء من التجارب، خاصة وأن الثقافات، إنصبّت من مصادر متعددة: مقروءة ومسموعة، ومرئية، ووجّه للفتيات خاصة، الغث أكثر من السمين، ولا حصانة إلا بالله، ثم تمكين الوعي الديني، وترسية القاعدة الإيمانية، لأن بعض الأفكار الموجّهة، مقصود بها الفتيات أنفسهن، لرغبتهن في كل جديد دون تمحيصه، وبدون الرقابة وحسن التوجيه، من الأبوين في المنزل، بالرّفق، والنزول لمخاطبة عقول المراهقين والمراهقات بالحسنى حتى لا ينفلت الزمام كما قيل:

ومن رعى غنماً في أرض مسبعة *** ونام عنها تولّى رعيها السَّبُعُ

ومن هنا، فإن الفتاة المراهقة في حاجة إلى من يأخذ بيدها، ويؤصّل الحجاب الشّرعي عندها، لأنّه كإسمه، مع الحياء والأدب، يحجب عنها الفضوليين، وذئاب البشر ويحميها من شرورهم.. فكان لزاماً على العارفين في المجتمع والمدرسة، بصفة خاصة، تهيئة الرّوافد المعينة في قناة التوجيه والتعليم للفتاة، ومراقبة الصحبة، وحُسن جوهر الاختيار، على مبدأ:

على المرء لا تسأل، وسَلْ عن قرينه *** فكل قـرين بالمقـارن يقتـدي

فالأبوان، يجب أن يكون، أمام أعينهما، أغلى كنز يجب المحافظة عليه ورعايته، إنهم الأبناء في هذه السن، وعدم الغفلة، أو الإنشغال عنهم، بأي شيء، لأن الجلسة معهم، وتبادل الآراء والفِكر الملائمة لتطور نموهم، ذاتُ مكانة عند المراهقين لا تقدّر بثمن، مع المردود الحسن لديهم: هُدُوء وراحة بال، وشعور بالمعاملة الملائمة للتطور الذي إعترى: النمو والتفكير، لتكبُرَ الخصال الحسنة في قلوبهم: ذكوراً وإناثاً.

وبذلك يتهيأ لدى الفتاة القناعة بالحجاب الشرعي: بأسبابه وفوائده، ممّا يعينها على تجاوز ذلك، في هذه المرحلة عن قناعة، وحُسنِ إدراك بالمصالح من ورائه، ومع البيت تُساعِدُ المدرسة بالتوّجيه والتأصيل والمراقبة، ولا شك أن متابعة الوالدين، مع التنشئة الصالحة، والتأديب الحسن، المأخوذ عنهما قدوة وأدباً، مما يجعل عند الفتاة حصانة محسوسة، مقرونة بالأمثلة الواقعية: إيجاباً وسلباً.. لأن العقول كأغصان الشجرة، تقوّم حسب ما يريد المزارع، ما دامت غضّة وطريّة، أما إذا أُهمِلتْ وتركت حتى كبر عودها، وإشتدّت أغصانها، بأن صارت خشباً، فإنه يصعب تكييفها كما قال الشاعر:

إن الغصون إذا عدّلتها إعتدلت *** ولا تلين إذا كانت من الخشب

وقد رأيت في هذا الكتاب فائدة يحسُنُ طرحها، ففي المبحث الأول، الذي خُصِّص للتنشئة الروحية، والجسمية كان التمهيد يرتكز على الدّور التربوي للوالدين في التنشئة الروحية للفتاة، فترة المراهقة: عدة عناصر، نذكرها باختصار:

وهذه الخصال فيها إعانة، وبقناعة على الحجاب الشرعي للمرأة الذي سيكبر مع نمو جسمها، ويجعل لديها حصانة عن الآراء والأفكار المخالفة للنصوص الشرعية: عن الله سبحانه، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، هذه الخصال هي:

1= مساعدة الفتاة على التزكية لنفسها -والأفضل حسن الثقة بالله، ثم بنفسها لأن التزكية منهي عنها بنص القرآن- ثم تطهيرها من النيّات السيئة والنفاق، مع متابعة تحذيرها من العمل المجرد من النيّة الصالحة، وتقوية المراقبة لله: عقيدة، والخشية منه في نفسها عملاً وهذا من الرقابة الذاتية.

2= تعميق الروح في مجاهدة النفس، والأفكار التي قد تطرح على المراهقة، حتى تقوى العزيمة على إتباع المنهج السليم بدليله الشرعي، وما تأخذه من الوالدين من قدوة صالحة: في القول والعمل.

3= متابعة دعوة الفتاة، إلى توثيق صلتها، بمصدر القوة الإيمانية، بالله سبحانه، عن طريق الإهتمام بعبادته بالفرائض التي أوجب، وبالنوافل التي تُهذِّب النفس، وتُرغّب في الخير، وفق ما شرع الله، وحثّ عليه رسوله مع مساعدة الفتاة منذ الصغر على إدراك روح العبادات المختلفة، على جرعات لا تثقل كاهلها، كما يعطي الطبيب الدواء النافع للمريض.

4= التأكيد على جوانب العقيدة المؤثرة، في روح الفتاة، ونعني بذلك العقيدة بوحدانية الله، وتعظيم شرعه ومراقبته في السرّ والعلن، وهذا هو الركن الثالث من العقيدة: الإحسان وتعريفه: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

5= تربية الفتاة روحياً وعملياً، عن طريق دعوتها إلى حماية الضرورات الخمس، وحفظها وهي: النفس والدين والعرض والعقل والمال.

6= تربية الفتاة روحياً، وعملياً عن طريق ربطها بأركان الإيمان الأساسية، مع الإهتمام بأركان الإسلام الخمسة، وتفهيمها بمدلولها، وتمكين تأديتها كاملة، وأثرها النفسي والإجتماعي، خاصة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، وإضربوهم عليها لعشر، وفرّقوا بينهم في المضاجع» وأثر هذه الأشياء على الفرد والمجتمع.

7= منع الفتاة من التبرّج، ومن إبداء زينتها لغير محارمها، وتحذيرها من الإختلاط، وبيان أثر ذلك من الصّغر، لأنها: نهي عن ذلك من الله ورسوله.

8= تمكين آداب الإسلام فيها، خاصة: الحياء والعفة والحشمة، وعدم الخلوة بالأجنبي، أو السفر بدون محرم، وبيان العلّة التي شُرِعَتْ هذه الأشياء من أجلها، وتعويدها فنّ الاستئذان، والمصارحة مع والديها، وعدم الخجل من السؤال والإستقصاء من أمّها، مما هو من خصائص النساء.

9= ونصيحة للأبوين بالحرص على تعجيل زواج الفتاة، لما فيه من مصالح، وحثّ من رسول الله، إذا وُجد الكُفءُ، ولا بأس من عرضها على الكفء الأمين، كما هو عمل الصحابة وغيرهم.

10= عند التعامل مع المراهقة، لابد من إجتناب السخرية، والإستغراب والإستهجان، لبعض ما يمر من تصرفاتها: هيئة أو حجماً، أو شكلاً أو في لباسها، بل يكون ممزوجاً بالثناء أولاً، ثم القول: لو عَمِلتِ كذا لكان أحسن وأجمل، وذلك لحساسية مثل هذه الأمور لديها، وما تحسّ به من أثر النقد لتصرفاتها، وإنما تعامل برفق وبوجه طلقٍ وبعبارات ليّنة، حتى لا تتأثر مشاعرها، وينقلب النقد إلى تقريع، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه»، فبالرفق تلين القلوب، وتتجاوب العواطف، ويبرز الأثر الحسن.

بقلم: د. محمد بن سعد الشويعر.

المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.